هندسة نظم الطاقة والمعلوماتية
إنها الهندسة الاكثر تطورا وتقدما في ايامنا هذه ، بمعنى هندسة النظم بشكل عام ( systems engineering ) حيث كل مجالات الحياة المعاصرة قد دخلت اليوم مرحلة مفهوم النظام والشبكات بشكل كامل ودقيق ، مثلا نظام ( منظومة ) الاتصالات التي تتألف من شبكات وعقد ( knots) وعناصر دخل وخرج (in-out ) وما يسمى بالتغذية العكسية ( feedback ) ومسائل المراقبة والتحكم والسيطرة وغير ذلك الكثير .
وقد اصبحت الحياة المعاصرة ( سواء في البلدان المتقدمة او النامية ) تعتمد كليا على مصادر الطاقة المتنوعة ( energy ) ابتداء من الحطب والخشب والفحم ولغاية الوقود النووي ( fuel ) الذري ، مثل اليورانيوم والبلوتونيوم وما يتبع ذلك من تجهيزات تخصيب وطرد مركزي وفاصلات او فارزات وعمليات تشطير النواة الذرية ( fission ) او دمج نويات الذرات للعناصر الخفيفة ( fusion ) .
ويستهلك عالمنا اليوم ( 6 مليار نسمة ) حوالي ( مئة ) مليون برميل نفط خام يوميا على شكل ( وقود – فيول – مازوت – بنزين ) ، ناهيك عن الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية والرياحية وبوجود حوالي ( 500 ) مفاعل نووي – ذري ( reactors ) في محطات طاقة ذرية منتشرة في شتى انحاء العالم .
ومع ازدياد انتاج واستهلاك الطاقة ، تزداد وتتراكم المعلومات ( كما ونوعا ) في مجمل المعارف ( علوم ، تكنولوجيا ، آداب ، فنون ، .. ) وذلك عبر جناحي الكمبيوتر ( الشخصي والسوبر ) في العتاد والبرمجيات وعبر شبكات الانترنيت وغير ذلك .
عزيزي القارىء الكريم ، اذا كنت تقرأ هذا المقال الآن على شبكة الانترنيت ، فإننا نقترح أن تكتب بعد قليل إحدى هاتين الكلمتين
( الطاقة أو المعلوماتية ) وذلك بالانكليزية ( energy / informatics ) ، فإنك لا شك ستجد امامك على شاشة الكمبيوتر عشرات ومئات آلاف المواقع أو المواد في محركات بحث هاتين الكلمتين ، والخلاصة أن المعلومات ( كما ونوعا ) متوفرة تماما وبأدق تفاصيلها .. ولكن السؤال : وماذا بعد ذلك ؟!
هنا بالضبط يأتي دور الانسان .. هذا الانسان الذي هو محور الحياة حيث خلق الله سبحانه وتعالى الانسان على أبهى صورة وأغلى ما في الكون كله ، وبالتالي فإن البرمجيات الجيدة او الشبه ذكية تعني أن هناك انسانا حيا ينبض بالحياة وراءها ، وكلما ازداد الانسان علما ومعرفة ، كلما زاد طموحه للمزيد اكثر وهذه سنة الحياة وطبيعتها ، وبالتالي الانسان يعمل ويبني ويجاهد ويسعى ويخترع ويكتشف ويبادر ويحاول .. كما حاول الطيران قديما بتقليده للطيور والعصافير ، وكان اختراع الطائرة ( بجناحين وذيل ) ثم الغواصة
( بالمحاكاة - analog ) مع السمكة والحوت . واليوم البرمجيات الذكية بمحاكاة دماغ الانسان ، وها هو الانسان قد فك رموز وشيفرات الاستنساخ والوراثة والخ .
والمعرفة بمفهومها الشامل تعني عمليتي التركيب والتحليل ( synth.-analys. ) او الفك والبناء ، وبالتالي نجد مصطلح تحليل النظام الى شبكات وعناصر او بالعكس بناء منظومة اقتصادية ، مثلا للمعاملات البنكية وغيرها . وكما كانت الفلسفة قديما تعتبر ( أم العلوم والمعارف ) ، كذلك اليوم لا بد من ما يسمى بالمنظومة الفكرية الانسانية المعاصرة اليوم وغدا ..
وأخيرا وليس آخرا .. نتساءل : كيف سيبدو عالمنا عام ( 2050 ) من حيث الطاقة والمعلوماتية ، هل ستختفي مصادر الطاقة التقليدية لتحل محلها الطاقات المتجددة ، وهل ستقفز المعلوماتية تلك القفزات النوعية الكبرى بحيث تتغير مظاهر وملامح الحياة الانسانية والطبيعية على سطح الكرة الارضية نحو الافضل .. عالم أكثر امانا وامنا واستقرارا وجمالا ، وهل سيترك الانسان الكرة الارضية ليهاجر للعيش على سطح القمر او كوكب المريخ والزهرة . إنها الحياة قيد التغيير والتطور والتقدم دائما للأمام .. ويبقى الانسان دائم السعي نحو تأمين الطاقة وتطوير المعلوماتية بالتوازي وبتناسب طردي فيما بينهما ( جول – كيلوواط ساعي – بت / بايت ) في كل زمان ومكان .